حكاية صاحبة الثوب الخشبي
من الفولكلور الفلسطيني - وحيدة في الغابة (الحلقة 2)
بينما كانت غسق تشم رائحة اللحم، اقتربت بحذر لتكتشف مصدره. من بعيد، قال الغول: "إنها أخبث مما كنت أتصور!" ثم خرج فجأة من مخبئه وارتمى عليها، لكن غسق كانت أسرع، فقد خطفت قطعة اللحم وطعنت الغول بالعود في عينه. صرخ الغول من شدة الألم، وأمسك بطرف ثوبها ممزقاً إياه، لكن غسق استطاعت الهرب بسرعة.
جلست غسق حزينة تحت شجرة، وقد انقطعت شهيتها. كانت تعرف أن الغول لن يدعها وشأنها بعد أن فقأت عينه. وفجأة، سمعت أصواتاً تهتف متعجبة. وعندما التفتت، رأت مجموعة من الأقزام تنظر إليها بعيونها الصغيرة. اختفت وراء الشجرة وصاحت: "ألا تخجلون من أنفسكم أيها الأوغاد؟!"
قال كبيرهم: "لو أعطيتنا العقد الذي في رقبتك، لصنعنا لك ثوباً من الخشب. فكما ترى، لا يوجد هنا غير الأشجار." ففقدت غسق العقد ورمت به إليهم. كان الأقزام ماهرين جداً في النجارة، ولم تمضِ ساعة حتى صنعوا لها ثوباً من خشب، ولدهشتها، كان رقيقاً مثل النسيج. لبسته فشعرت بالدفء، ثم بدأت في رحلتها في الغابة. سارت أياماً وهي خائفة، ولكن الغول لم يعثر لها على أثر، فقد أصبح لونها مثل الأشجار، ورائحتها كذلك.
يتبع الحلقة 2
حكاية صاحبة الثوب الخشبي
من الفولكلور الفلسطيني - في بحيرة البط (الحلقة 2 والأخيرة)
قطعت غسق مسافة طويلة حتى غادرت الغابة ووجدت نفسها قرب بحيرة. على طرفها كان هناك قصر، فبقيت تدور حتى رأت بستانياً عجوزاً. اقتربت منه وسرقت منه قطعة قماش لفَّتها على رأسها كالعمامة، ثم سألته بصوت خشن: "لمن هذا المكان؟" فأجابها: "للسلطان، وهو يجيء إلى هنا مع أهله للاستجمام." قالت له: "أبحث عن عمل ومأوى، وسأكون سعيدة إذا توسطت لي عند سيدك." فأجاب: "والله لا يوجد لدينا سوى رعاية البط، وقد مات الذي كان يعتني به منذ يومين. اسمع، هذا العمل مكتوب لك."
أخبر البستاني السلطان عن الفتاة، فوافق على تشغيلها وأطلقوا عليها اسم "خشيشبان" بسبب ثوبها. في الصباح، أخرجت الفتاة البط إلى البحيرة، وتركته يأكل ويسبح، ثم نزعت ثوبها وغطست في الماء البارد بعد كل التعب. وعندما رأى البط جمال جسمها، بدأ ينعق قائلاً: "كاك.. كاك، سبحان خالق الأفلاك، من جمال الشمس أعطاك، ومن ظلمة الليل جعل لون عينيك، تحس قلوبنا بالحب كلما رأيناك."
ثم بدأ البيض ينزل من البط كالمطر. في المساء، عندما عادت مع البط إلى القن، كانت تحمل سلالاً كثيرة من البيض. تواصل هذا الأمر لعدة أيام حتى تعجب الجميع في القصر من كثرة البيض. أصّر الأمير على معرفة السر، فاستيقظ باكراً وصعد إلى شجرة عالية ليراقبها. بعد قليل، رأى "خشيشبان" تخلع ثوبها وتدخل الماء. اكتشف أنها فتاة جميلة كالقمر، فبقي يتأملها وهي تسبح، والبط من حولها منبهر بجمالها.
ثم أخذت مرهماً من الزهور لتعطر به جسدها، ثم لبست ثوبها الخشبي، قطفت عشبة غلتها في الماء، وجلست تترشف كأسها ببطء. تساءل الأمير في نفسه: "لماذا تتخفى تلك الفتاة رغم جمالها وحذقها في النباتات؟"