من غرائب ما يرويه الشيخ الشعراوي رحمه الله:
احتار الشيخ الشعراوي في تفسير قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَٰهٌ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (الزخرف: 84). وقال: هناك قاعدة في النحو تقول:
(إذا تكررت النكرة مرتين كانت الأولى غير الثانية)!
يعني لو قلنا مثلاً: "أكرمت رجلاً في البيت ورجلاً في الشارع"، لكان الرجل الذي في البيت، غير الرجل الذي في الشارع. فالنكرة هي "الكلمة من غير ألف ولام"، فإذا تكررت اختلف المعنى.
والله يقول: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَٰهٌ. جاءت نكرة وتكررت! إذاً حسب القاعدة النحوية، الإله الذي في السماء غير الإله الذي في الأرض. أي أن هناك إلهين؟!
وقف الشيخ الشعراوي حزيناً وهو يقول: "ما هذا الذي أقوله؟ أستغفر الله العظيم، ولكن ما الجواب؟ لابد من سؤال أساتذتي وإخواني!"
وبالفعل، بادر الإمام الشعراوي مهرولاً إلى شيخه، وكان شيخه يقضي إجازته مع أهله في القرية. فذهب إليه شيخنا الشعراوي وقصَّ عليه ما استشكل عليه. فقال له شيخه: "تعال أولاً نستعد لصلاة العصر فقد قربت."
وصلى الشيخ الشعراوي مع شيخه في المسجد، وكان مسجداً بسيطاً يقع في آخر القرية. وبعد الصلاة جلسا يتناقشان في المسألة، وللأسف لم يصلا إلى شيء!!!
وبينما هما كذلك، دخل عليهما رجل قروي (فلاح بسيط) وقال: "السلام عليكم".
فردا عليه السلام، ثم قال وباللغة العربية الفصيحة وقد تغيرت لهجته: "تسألون في قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَٰهٌ؟"
فتعجب الشعراوي وشيخه!! كيف عرف هذا الرجل ما نحن فيه؟ فهو لم يسمع كلمة واحدة!!
فواصل الرجل الغريب قائلاً: "أنسيتم الإسم الموصول (الذي)؟ لقد نسيتم القاعدة الأهم التي تقول: أن الإسم الموصول يقلب النكرة معرفة."
"والله قال: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ ولم يقل: هو في السماء بل قال: هو الذي، لماذا نسيتم كلمة (الذي)؟"
وأخذ هذا الرجل يشرح السر في وجود الإسم الموصول، ولماذا جاءت الآية على هذا النحو. والشيخ الشعراوي وشيخه في ذهول من الموقف. ثم سكت الرجل الغريب فجأة بعدما أتمَّ المسألة وانصرف في صمت!
فقال الشيخ الشعراوي لشيخه: "من هذا العلّامة؟"
فأجاب شيخه: "أنا لا أعرفه، فهو ليس من بلدنا!"
قام الشيخ الشعراوي مسرعاً وخرج من المسجد، فوجد جماعة يجلسون أمام الباب. فسألهم: "أين ذهب الرجل الذي خرج الآن؟ هل تعرفونه؟"
وهنا كانت الصدمة!!
قالوا: "لم يدخل عليكم أحد، ولم يخرج أحد!"
قال: "كيف هذا؟ لعله دخل وخرج ولم ترونه."
فقالوا له: "كيف هذا ونحن ننتظر شيخنا الذي يجلس معك لنسأله بعض الأسئلة؟ ونحن منتبهون لكما تماماً، فلم يدخل أحد عليكما."
فقال الشيخ الشعراوي رحمه الله: إن الله تعالى ينصر دينه ويحفظ كتابه بجنود لا قِبَل لنا بمعرفتها.
وسبحان من قال: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ.
إذا أتممت القراءة، صلِّ على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.