في قديم الزمان، تجادل رجل مع زوجته، وفي لحظة غضب قال لها: "أنتِ لا تفهمين شيئاً، ولا تملكين من الفطنة والذكاء مثل ما أملكه. بمعنى آخر، أنتِ غبية!"
جرحت هذه الكلمات المرأة وأثارت غضبها، لكنها لم تردّ عليه مباشرة. بل قررت أن تثبت له خطأ ظنه بطريقة ترد بها الصاع صاعين. مضت الأيام والشهور وهي تفكر في حيلة ترد له اعتباره وتظهر ذكاءها.
وذات يوم، أخبرها زوجها بأن قومهم قرروا الرحيل إلى بلاد بعيدة بحثاً عن الرزق، إذ كانوا يسكنون على ضفاف أحد الأنهار في العراق. موعد الرحلة اقترب، وستبدأ خلال الأيام القادمة. عندها خطرت في ذهن المرأة فكرة فريدة.
ذهبت إلى النهر ومعها جرّة ماء صغيرة، وأمسكت سمكة ووضعتها داخل الجرة، محتفظة بها بعناية دون أن تخبر أحداً. بعد يومين من الرحيل، كانت القافلة قد قطعت مسافة طويلة في الصحراء، بعيداً عن النهر. وهنا جاء وقت تنفيذ خطتها.
ذهبت المرأة إلى زوجها وقالت: "يا زوجي العزيز، اليوم سأعد لك غداءً شهياً؛ سمكة طازجة!"
تفاجأ الزوج وسألها باستغراب: "سمكة؟ كيف؟! نحن وسط الصحراء، ولا أنهار هنا!"
أخرجت المرأة السمكة من الجرة وابتسمت قائلة: "ها هي السمكة! هل صدقتني الآن؟"
ضحك الرجل بدهشة من تصرفها، وسعد بفكرة تناول السمك وسط الصحراء. فقالت له: "لمَ لا تدعو اثنين من أعز أصدقائك ليشاركاك الغداء؟"
فرح الزوج بالفكرة وذهب على الفور لدعوة صديقيه، قائلاً لهما بفخر: "زوجتي ستعد لنا سمكة شهية اليوم!"
عندما حان وقت الغداء، عاد الزوج إلى زوجته وقال: "ها نحن هنا، أنا وأصدقائي. هل السمكة جاهزة؟"
نظرت إليه المرأة بدهشة مصطنعة وقالت: "عن أي سمكة تتحدث؟ نحن وسط الصحراء، كيف يمكن أن يكون لدينا سمكة؟"
صُدم الرجل من ردها وقال بغضب: "لكنني رأيتها بعينيك! وأنتِ قلتِ إنك ستعدينها لنا غداءً!"
ذهبت المرأة إلى أصدقاء زوجها وقالت لهم: "أرجوكم ساعدوني! زوجي فقد عقله! يتحدث عن سمكة في هذه الصحراء القاحلة!"
تفاجأ الأصدقاء من حديثها وسألوا الرجل: "هل هذا صحيح؟"
أصر الرجل قائلاً: "والله رأيت السمكة بيديها، وقالت لي إنها ستعدها لي!"
تزايدت دهشة الأصدقاء، وبدأوا يعتقدون أن الرجل قد أصابه شيء من الجنون. ذهبوا إلى القوم وأخبروا الجميع بالقصة. عندها خرجت المرأة مبتسمة وقالت لزوجها: "هل ما زلت تعتقد أنني لا أملك الفطنة والذكاء؟"
وقف الزوج مذهولاً مما حدث، وأدرك أن زوجته قد نجحت في تلقينه درساً لن ينساه.