كانت هناك امرأة تعشق زوجها حتى الجنون. كانت لا تفكر في حياتها دون وجوده بجانبها، وعندما مرض الزوج، بدأ يطرح عليها سؤالًا ألمه: "ماذا ستفعلين لو مت؟" فكانت تجيبه بكل حب: "لن تموت، لا تقلق. سأبقى معك دائمًا."
ولكن الزوج ظل مصرًا على السؤال، وكان يضيف: "ماذا لو مت؟" كان قلب الزوجة يعتصر ألمًا لرؤية زوجها المريض، وفي محاولة لتهدئته، وعدته بأنها ستبقى بجواره حتى بعد موته. "سأجلس كل ليلة عند قبرك، أبكيك وأترحم عليك"، قالت له، ليطمئن قلبه.
لكن المرض اشتد عليه، وفي النهاية فارق الحياة. دُفن في المقبرة العامة، لكن الزوجة الوفية لم تترك قبره يومًا. كانت تزوره كل ليلة، وتبكيه بحرقة. مرت الأيام، وفجأة، أمر حاكم المدينة بإعدام مجموعة من المجرمين وصلبهم بالقرب من المقبرة. كان يُصَلب المجرمون عادة لتكون عبرة للآخرين، وكان هناك حارس شاب على الجثث ليتأكد من عدم سرقتها.
في إحدى الليالي، بينما كانت الزوجة جالسة تبكي قرب قبر زوجها، سمعها الحارس الشاب، الذي كان وسيمًا ومليئًا بالحيوية. اقترب منها، وقال بصوت هادئ: "لماذا تبكين على من فارق الحياة؟ دعك من الأموات، واهتمي بالحياة."
بدأت الزوجة تتحدث معه، وبدلاً من أن ترفض حديثه، تبادلوا الكلمات حتى تلاشت الحواجز. أصبح حديثهما أكثر حميمية، وفي لحظة ضعف، وقعوا في خطأ لا يمكن إصلاحه. وفي لحظة من الوعي، أدرك الحارس أن إحدى الجثث قد اختفت. شعر بالذعر، فذهب إلى الزوجة ليخبرها بما حدث.
قالت له، بفكرة جريئة: "أخرج جثة زوجي، فهو لا يزال طريًا، وصلبها بدلاً من الجثة المفقودة." فعل الحارس ما طلبته الزوجة، وعندما رفعوا جثة زوجها، اكتشفوا شيئًا غريبًا. فقد كان قد تغير وضعه، وأصبح على هيئة الجنين في بطن أمه، بينما تغير لون وجهه إلى الأزرق، وكان واضحًا أن زوجها مات من الاختناق.
شعر الجميع بالذهول، ولم يتوقعوا أن يكون هذا قد حدث. كانت الزوجة في حالة من الفزع، لكنها لم تتحرك من مكانها. بدا أن حبها للحارس قد طغى على حبها لزوجها الراحل. كانت مشاعرها قد تاهت في الخطيئة، بينما كان الحارس في حالة من التردد، لا يعرف ماذا يفعل.
وفي تلك اللحظة، تجمع الناس حول المقبرة وبدأوا يكتشفون ما حدث. وصل الخبر إلى الحاكم، الذي كان يعرف الزوج الراحل جيدًا. فكر الحاكم مليًا، وكان معروفًا بفراسته وذكائه. عرف فورًا ما جرى، وأمر الحارس بأن يقتل الزوجة ليعوض الجثة المفقودة، وإلا سيعاقب الحارس نفسه.
كانت المفاجأة أن الحارس لم يتردد لحظة في تنفيذ أمر الحاكم، وأمسك بسيفه، لكنه توقف عندما أمره الحاكم بالوقوف. نظر الحاكم إلى الزوجة وقال بصوت قاسٍ: "أرأيتِ الآن ماذا يمكن أن يفعل بكِ هواك؟! كيف دفنتِ زوجك حيًا، وعندما اكتشفتِ الحقيقة، لم تشعري بأي تأنيب ضمير؟"
استمرت الزوجة في التحديق، وعينها مليئة بالدموع والندم. كان الحاكم يوبخها على ما فعلت، حتى أدركت أن حبها للحارس قد جعلها تغفل عن كل شيء. في لحظة من الذهول، أخذت السيف بيدها، وأغمسته في قلبها، فارقة الحياة، بينما كان الحارس يشاهدها بصدمة.
أمر الحاكم بإعادة ترتيب الأمور، وأخذ الجميع درسًا عظيمًا: القوة الحقيقية لا تأتي من الجسد، بل من السيطرة على النفس، والابتعاد عن الهوى الذي قد يقود إلى الهلاك.